إثر تأسيس حزب الدستور الجديد، اشتد القمع الاستعماري و نُفي بورقيبة و رفاقه الى ڨبلّي ثم برج لبوف بالصحراء التونسية في ظروف قاسية جدّا. وتواصل الكفاح في المدن و القرى من أجل تحرير قيادات الحزب، إلى أن أطلق سراحهم مع وصول الجبهة الشعبية الى الحكم في فرنسا. و بعد وعود الحكومة الفرنسية الزائفة و خيبة الأمل، اشتدت لهجة الحزب مجدّدًا، و بلغت ذروتها في مؤتمر نهج التريبونال سنة 1937، ثم ّ حصل الصدام الدموي في أحداث 8 و 9 أفريل 1938. و مطاردة قيادات الحزب و اعتقال الزعيم و رفاقه بالسجن المدني، ثم السجن العسكري واتّهِموا بالتآمر على الدولة، ليتمّ نقلهم الى تبرسق ومن ثمّ إلى السجون الفرنسية.
و سُلِّم بورقيبة للسلطات الايطالية الفاشستية من قبل حكومة فيشي الموالية للمحور أثناء الحرب العالمية الثانية، و نُقل بورقيبة إلى روما أين كانت الحكومة الإيطالية تغازله ليساند قوّات المحور. إلّا أنّ بورقيبة اجتنب ذلك، لمعرفته طبيعة النظام الفاشستي و بشاعته و أطماع إيطاليا على تونس من جهة، و لتؤكده من انتصار قوّات الحلفاء من جهة أخرى. إلّا أنّ الحكومة الفرنسية طاردته من جديد بعد هزيمة المحور بتعلّة مساندته الموهومة لألمانيا النازية، ممّا جعل بورقيبة يلجأ إلى القاهرة عبر ليبيا سنة 1945.
استغلّ بورقيبة فترة مكوثه بالشرق للتعريف بالقضية التونسية على الصعيد الدولي، فأسّس صحبة الزعيم المغربي عبد الكريم الخطابي مكتب المغرب العربي، ثمّ ذهب إلى الأمم المتحدة بنيويورك سنة 1946 لضمان الدعم الديبلوماسي للقضية التونسية.
عاد بورقيبة إلى تونس في سنة 1949 أين استأنف النضال السياسي بتونس ثم فرنسا، و ساند في سنة 1950 مشاركة صالح بن يوسف في حكومة محمّد شنيق للدخول في مفاوضات مع الحكومة الفرنسية حول "النقاط السبعة" التي طرحها بورقيبة. إلّا أنّ تجربة المفاوضات فشلت إثر مذكّرة شومان الشهيرة بتاريخ 15 ديسمبر 1951 التّي رفضها بورقيبة بشدّة لتندلع الثورة المسلّحة في 18 جانفي 1952.
اعتُقِل بورقيبة من جديد إثر اندلاع الثورة و تمّ نفيه إلى جزيرة جالطة لمدّة عامين, ثمّ إلى فرنسا. و بلغ القمع الاستعماري حدّا كبيرا من الشراسة، إذ سُجن عدد كبير من المناضلين و حوكِم على الكثيرين منهم
بالاعدام، و اغتيل الزعيم فرحات حشاد في 5 ديسمبر 1952، و الزعيم الهادي شاكر في 13 سبتمبر 1953.
و إثر وصول مانداس فرانس إلى الحكم في فرنسا سنة 1954 و إعلانه الشهير أمام الباي عن قبول فرنسا بمبدأ الاستقلال الداخلي، تمّ تشكيل حكومة تونسية برئاسة الطاهر بن عمّار و بمشاركة ثلاثة وزراء دستوريين للتفاوض مع فرنسا بتنسيق مع بورقيبة. و أسفرت المفاوضات و الاجتماعات السريّة بين بورقيبة و مانداس فرانس إلى عودة المجاهد الأكبر إلى أرض الوطن في 1 جوان 1955 في يوم تاريخي، و توقيع اتفاقيّة الاستقلال الداخلي في 3 جوان 55. ثمّ الاستقلال التامّ يوم 20 مارس 1956.